لكي يوصف المعلم بأنه معلّم ناجح، لا بد أن تتوافر فيه صفات عديدة، منها: ينبغي أن يكون ذا شخصية قوية، يتميز بالذكاء والموضوعية والعدل والحزم والحيوية والتعاون، و أن يكون مسامحاً في غير ضعف، حازماً في غير عنف. ثانياً: أن يكون مثقفاً، واسع الأفق، لديه اهتمام بالاطلاع على ما استجد في طرق التدريس، وفي مادته، وأن يكون أداؤه للعربية صحيحاً، خالياً من الأخطاء، وأن يكون محباً لعمله، متحمساً له، متمكناً من المادة الدراسية التي يقوم بتدريسها، حسن العرض لها، وأن يكون على علاقة طيبة مع طلابه وزملائه ورؤسائه.
واعلم أن العمل المنظم إنتاجه أكثر، والعمل الكامل تقديره أعظم، والعمل الدقيق احتمالات الخطأ فيه أقل. ومن الضروري على المعلم أن يقسم وقته بين مجالات نشاطه وعمله العلميّ، وهو خلاف الوقت الذي يخصصه المعلم لبيته وأهله. والمعلم المنظم في عمله يمكنه أن يستفيد من وقته كله، من ثم ندعوك إلى أن تعوِّد نفسك على تنظيم وقتك وأعمالك : فلا تفكر في أكثر من شيء واحد في الوقت الواحد، وخصص وقتاً للعمل؛ فإنه مفتاح النجاح، ووقتاً للاطلاع؛ فإنه مصدر الحكمة، ووقتاً للعبادة؛ فإنها ينبوع الطمأنينة.
يعد عرض المعلومات والمهارات للطلاب دوراً أساسيّاً مطلوباً من المعلم. ومن الأدوار الأساسية له أيضاً، الحكمة في إدارة الصف؛ وهي تتضمن التفاهم والتعاطف مع طلابه، وتوجيههم وإرشادهم فرديّاً وجماعيّاً، والاهتمام بالقيم الروحية والأخلاقية لهم، ومراعاة حاجاتهم العلمية والاجتماعية، والقدرة على المحافظة على النظام في الصف، ومواجهة المواقف المعقدة، وتنمية روح الانضباط الذاتي لدى طلابه، واحترام أنظمة المؤسسة التسهيل تعليمية من خلال الاقتداء بمعلمهم، في حسن أدائه لرسالته .
إذا قدَّر المعلّم مشاعر طلابه، واستجاب لمناقشاتهم ومطالبهم، فإنهم سيكوِّنون آراء إيجابية نحوه، ويتمثلون سلوكه أحياناً. وإذا أعلن المعلّم سياسته وعرف ردود فعل طلابه نحوها، استجاب لأسئلتهم وتعليقاتهم دون غضب، فإن ذلك يجعل طلابه يعرفون ما يتوقعه المعلّم منهم، ويشعرون بالمسؤولية تجاه ما يأطلبه منهم. وإذا أعطاهم اهتماماً كافياً، يحسون بأنه متجاوب معهم، فينشطون لعمل ما يأطلبه منهم.
المعلم الكفء هو الذي يعمل على جذب انتباه طلابه لمجريات درس مفصله، فيستخدم الوسائل المعينة التي تحضّهم على المشاركة في النشاط الصفي: فيأطلب من بعض الطلاب القيام بنشاط، أو الإجابة عن سؤال. وعلى المعلم إلقاء السؤال قبل تحديد الطالب الذي يجيب، كما عليه أن يغير في أساليب استخدامه للوسائل، كالأطلب من بعض الطلاب القيام بنشاط شفوي، وآخرين بنشاط كتاب كاملي على السبورة، وآخرين بنشاط تنافسي، أو تعاوني...إلخ.
لخلق نوع من الإلفة والحيوية في الصف، وزّع أسئلتك على الطلاب توزيعاً عادلاً، وابتساماتك وكلماتك. وأبدِ احترامك لآرائهم، وكن متسامحاً. ومن المفيد أن يعطى الطلاب قدراً كبيراً من التواصل والمشاركة؛ إذ في ذلك تقوية للروابط الشخصية، تجعلهم يشعرون بقدر طيّب من الحرية المنضبطة والتشجيع والتغذية الراجعة.
يراعي المعلم الكفء عند توجيه الأسئلة لطلابه مجموعة من الأسس، أهمها:
أن يوجه السؤال لجميع الطلاب، ثم يختار من يجيب بعد فترة قصيرة، حتى يفكر الجميع في الإجابة.
أن يخصص بعض الأسئلة السهلة للضعفاء من الطلاب.
ألاّ يهمل من لا يرفع يده للإجابة، فقد يكون منصرفاً عن الدرس مفصل، أو يعرف الجواب، إلا أنه خجول...إلخ.
ألاّ يقاطع الطالب أثناء الإجابة، وأن يعطيه الفرصة كاملة ليعبر عن نفسه، إلا إذا أسهب فيوقفه بأسلوب ودي.
إذا أخطأ الطالب في الجواب، يعطي طالباً آخر فرصة الإجابة، وإذا لم يوفق، يذكر المعلم الإجابة ويناقشها مع الطلاب؛ ليطمئن إلى أن الجميع، قد أدركوا الصواب.
إذا سأل أحد الطلاب سؤالاً لا علاقة له بمادة الدرس مفصل، فيمكن للمعلم معالجة ذلك بواحد مما يلي:
أن يجيب بسرعة، ثم يعود إلى موضوع الدرس مفصل.
أن يرجئ الإجابة إلى آخر الدرس مفصل، ويأطلب من السائل أن يذكِّره بالسؤال.
إذا كان الطلاب يكثرون من طرح هذه الأسئلة؛ لتعطيل الدرس مفصل، الفت انتباههم بلباقة إلى أن يسألوا أسئلة مثمرة؛ حتى لا يضيع وقت الدرس مفصل.
إن المعلّم الجيد هو أفضل من يعرف ما إذا كان درس مفصله -الذي انتهى منه للتو- ناجحاً أم لا. وأفضل ما ينير الطريق للمعلم الناجح في هذا الصدد ما نسميه الملاحظات العامة على الدرس مفصل الذي انتهى ، حيث يسأل المعلّم نفسه الأسئلة التالية:
1 –هل حقق الدرس مفصل أهدافه؟
2 – هل تجاوب الطلاب مع الدرس مفصل؟
3 – هل تحتاج بعض الأجزاء إلى مراجعة رائعة؟
4 – هل المادة مناسبة للتلاميذ؟
5 – هل أنا راضٍ عن أدائي عموماً؟
المعلم الناجح يولي تحضير رائع الدرس مفصل عناية خاصة، لأن ذلك يساعد على اكتساب ثقة طلابه واحترامهم له، ويمنح المعلم الثقة بنفسه، ويحميه من النسيان، ويجنبه التكرار. كما يقلل التحضير رائع من مقدار المحاولة والخطأ في التسهيل تعليم، ويحمله على الارتباط بالمقرر، ويمكنَه من نقده، ومعرفة ما فيه من عيوب.
كل معلم له خصائص وصفات تميزه عن بقية المعلمين. إلا أن هناك قدراً من الخصائص والصفات المشتركة تجمع بين المعلمين المؤثرين، وتكون ذات أثر فيما يحمله طلابهم عنهم من تصورات وأفكار. ومن هذه الصفات: البشاشة والحيوية والحماسة والعدل والأمانة والفطنة والقدرة والكفاية في العمل والإنجاز. وهذا النوع من المعلمين يكون – عادة - متمكنا من مادته التي يدرس مفصلها، قادرا على مواجهة المواقف الطارئة واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وعاملا على تطوير أدائه باستمرار.
المعلّم الناجح هو الذي يعرف شروط استخدام السبورة، التي تعد الوسيلة الرئيسة لشرح جميع المواد، ومن أهم هذه الشروط:
نظافة السبورة.
تقسيمها إلى قسمين، أو أكثر.
اقتصار الملخص شامل على أهم نقاط الدرس مفصل.
عدم شغل الأجزاء السفلى من السبورة بالرسم، أو الكتاب كاملة.
استخدام الطباشير الملون أحياناً؛ لزيادة الإيضاح.
يكون وجه المعلّم دائماً متجهاً نحو الطلاب، ولا يتحدث إليهم أثناء الكتاب كاملة، إلا عند الضرورة.
المعلم الكفء يولي التحميل واجبات المنزلية العناية الخاصة بها، ويتوخّى التوسّط في أمرها؛ فلا يهملها ولا يغرقهم فيها. ويراعي ظروف كل طالب من الجوانب المعيشية والصحية والعقلية. كما يتأكد من أن الطالب قد قام بعمله بنفسه، ويقوم بتصحيح التحميل واجبات أولاً بأول حتى لا يعوِّد الطلاب الإهمال.
المعلم الناجح يلجأ _في أغلب الأحيان_ إلى أسلوب التلميح، بدلاً عن التصريح، وهو إجراء فاعل يستخدمه المعلم؛ ليقطع الطريق على السلوك غير المرغوب فيه، باستخدام أسلوب التلميح دون اللجوء إلى استخدام التعبيرات اللفظية. فإذا علت الضجة مثلاً في الصف، يمكنه أن يوقفها بنظرة خاصة إلى الطلاب مصدر الضجة، يفهمون مغزاها ومعناها، دون أن يبوح بأي كلمة.
يقوم المعلم الناجح بأمور ثلاثة تساعد طلابه على تنظيم عملهم، واختيار الأسلوب الذي يحققون به أهدافهم. وهذه الأمور تتلخص فيما يلي:
1 – تقديم حوافز معنوية كالثناء لمن يحسن من الطلاب تعزيزاً لما يقوم به الطلاب.
2 – تقديم تغذية راجعة تربط بين ما سيقوم به الطالب، وبين ما سينجم عنه من نتائج.
3 – تقديم عدة خيارات يختارون منها ما يريدون.
وبهذا الأسلوب يتحمل الطلاب مسؤولية إعداد الخطوات اللازمة لتنفيذها، وبالتالي يضعون التوقعات والحلول المحتملة لأي عمل يُعهد به إليهم مستقبلاً.
عندما توجه أسئلة إلى طلابك، حاول أن تتوخَّى فيها الأمور التالية:
1 –أن يكون السؤال واضح الصياغة مناسباً لمستوى الطلاب.
2 –لا يحتوي على معلومات جديدة للطلاب.
3 –أن يكون موجزاً وقصيراً.
4 –أن يكون محدداً دقيقاً.
5 –أن تعتمد الإجابة عنه على التفكير السليم لا على التخمين.
المعلّم الناجح يستخدم الوسائل التسهيل تعليمية، ويعلم أنها جزء مكمل للدرس مفصل، وليست بديلاً عنه؛ كما يدرك أنها ليست غاية، وإنما وسيلة يستعين بها لتحقيق أهداف الدرس مفصل. والمعلّم الناجح يعرف: لماذا يستخدم الوسيلة التسهيل تعليمية، وشرح كيف يختارها، وأين موضعها من الدرس مفصل، وشرح كيف يستعمل كل نوع من أنواع الوسائل.
لكي يكسب المعلّم احترام طلابه وزملائه، يجب أن ينمي باستمرار مستواه العلمي بالقراءة والاطلاع على كل ما يستجد في مجال تخصصه. فالمستوى العلمي الرفيع، هو السلاح الأول للمدرس مفصل الذي يريد أن يحقق النجاح في عمله، وتذكر دائماً أن قدرك بين طلابك يساير مستواك العلمي؛ فإذا ارتفع ارتفعت، وإذا انخفض انخفضت. والطالب يفترض دائماً أن أستاذه ما هو إلاّ دائرة معارف، يجد لديه في كل وقت الإجابة الصحيحة لكل سؤال يطرحه. ومن هنا كان لزاماً على المعلّم الناجح أن ينمي ثقافته العامة إلى جانب مستواه العلمي.
لا ينبغي أن نتخذ الأخطاء التي يقع فيها الطلاب ذريعة لعقابهم بأي شكل من أشكال العقاب، خاصة حينما يتعلق الأمر بالدارسين الكبار؛ فالخطأ قد يكون وسيلة نكتشف بها قصورا في المادة التسهيل تعليمية، أو في أسلوب التدريب، كما قد يكون عجزاً لدى الطالب. وعند تصحيح أخطاء الطالب، ينبغي أن يتم ذلك دون إحراجه أمام زملائه، وينبغي ألا نصوب كل الأخطاء التي يقع فيها الطلاب، فليس من الضرورة أن نقف عند كل خطأ، إذا لم يكن الخطأ جوهرياً، وخاصة عند التدريب على المحادثة. وهناك أخطاء أخرى يشارك زملاؤه في تصويبها، وبعضها لا يصوبه إلا المعلّم.
من الضرورة عند التحدث إلى الطلاب، أو شرح درس مفصل لهم مراعاة المستوى اللغوي، الذي وصلوا إليه؛ فالمستوى اللغوي الذي تتحدث به لطالب مبتدئ، يختلف عن المستوى اللغوي الذي تتحدث به إلى طالب متوسط، أو متقدم. فعليك أن تختار مفردات قد ألفها طلابك، وتراكيب لغوية وقوالب نحوية درس مفصلوها. أمّا استعمال مفردات صعبة، أو تراكيب معقدة، فقد يفقدك التواصل مع طلابك، وبالتالي يؤدي إلى عدم الاستجابة المرجوة. ومن هذا القبيل أيضاً السرعة التي تتحدث بها إلى طلابك، فينبغي التحكم في السرعة، التي تنطق بها العبارات، فتكون وسطاً بين السرعة العالية، والبطء الشديد.
من الأفضل دائماً أن تقف أمام طلابك, ولا تكثر التجوال في أنحاء الفصل إلاّ للضرورة, فالمعلم الذي يرى الطلاب جالسين أمامه, يمكنه أن يعرف ما إذا كانوا يستمعون إليه, ويتابعون ما يقول, وبهذا الأسلوب يمكنه تنبيه الطالب الغافل.




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©