عيد الثورة تلقى أنيس من أحد أصدقائه دعوة لزيارة متحف الثورة التحريرية ، بمناسبة الفاتح من نوفمبر، وعندما تأهب للخروج من البيت أصرت الأم أن يصطحب أخاه عمر معه. كانت الشوارع مزدانة بالاعلام الوطنية ، والاضواء الملونة ، ولافتات تحمل شعارات مخلدة للثورة ، كما تتناهى إلى مسامع المارة الاناشيد الوطنية التي تبث عبر مكبرات الصوت في أكثر من مكان . بدت الحركة أكثر كثافة حين اقترب الأخوان من المتحف ،حيث كانت جماعات الوافدين إليه في دهاب وإياب وعلامات الفرح بادية على وجوههم أعجب عمر إعجابا كبيرا بنظافة المتحف ، وشساعته وحسن تنسيق ما عرض من صور وقصاصات جرائد ، وبنادق ورشاشات قديمة ، وبعض المجسمات لمواقع معارك خالدة. كان عمر يتجول في أرجاء المتحف وبين الفينة والأخرى يفلت من يد أخيه الدي كان يحرص أن لايبتعد عنه، فتراه مشدودا إلى هذه الصورة يتأملها ، أو فاغرا فاه من شدة الاعجاب بهذا المجسم لدقته المتناهية ، أو تراه يقترب من الللمعلم دليل مستمعا إليه باهتمام بالغ وهو يشرح للزائرين كا ما احتوته أقسام المتحف في تسلسل زمني مرتب حسب مراحل الثورة. عند خروجهما من المتحف ، ألح عمر على أخيه بأن يذهبا إلى قاعة متعددة الريلضات لمتابعة نشاطات بهذه المناسبة لكن أنيس رفض لأنه لم يعلم أمه إلا بزيارة المتحف ، ولا يمكن أن يذهب إلى أي مكان دون أن يستشيرها في ذلك. عاد الاخوان إلى البيت فرحين ، رغم التعب الذي نال منهما كثيرا، فوجدا الجد في زيارة غير منتظرة ، فاندفع عمر ملقيا بجسده بين أحضانه . راح عمر يقص على الجد مشاهداته في هذا اليوم المميز ، فأعجب الجد بحماسة حفيده وتلهفه لمعرفة المزيد عن الثورة فقال له. لقد كنا يابني نعيش في حرمان وفقر وجهل ، وكان المستعمر الفرنسي ينهب خيرات البلاد ، ويحرمنا من أدنى متأطلبات الحياة ، يسلط علينا الترهيب والقمع والاذلال ، فخرج أخيار أبناء هذا البلد معلنين الثورة في وجه الاستعمار ، ساندتهم مختلف شرائح الشعب. إن ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 أعظم ثورات التحرير في العصر الحديث ولك أن تفخر بها يا بني فقد نقشت على صفحات التاريخ بدماءمليون ونصف المليون شهيد. نصوص تربوية- تأليف / مصطفى بوغازي



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©