تعريف المناهج للتحميل

يخطيء كثير من الناس عندما يظنون ان ( المناهج للتحميل) تعني مايدرس مشروحه الطلاب على مقاعد الدراسة من مواد دراسية مشمولة بالكتب الجاهزة مدرس مشروحية توزع على الطلاب في بداية السنة الدراسية. أن مفهوم ( المناهج للتحميل) اوسع بكثير من ذلك حتى أن علماء هذا العلم لم يتفقوا على تعريف معين لها. لكن مع ذلك فهم يتفقون على المناهج للتحميل اوسع من أن تحصر في نطاق ضيق من التلقين ، بل على العكس من ذلك بأن المناهج للتحميل تشمل كل - لاحظ- كل شي يتصل بالعملية التلقينية ، سواء كان ذلك الاتصال اتصالاً مباشراً او غير مباشر. ولنتعرف الآن على شي مما قاله علماء هذا العلم في تعريفهم له.
ماهي المناهج للتحميل:
سؤال ربما يرد على اذاهان الكثيرمنا عندما تذكر " المناهج للتحميل " . إن مصطلح (منهج) ، شأنه شأن الكثير من كلمات الإنجليزية، له معان أو استمعالات مختلفة كثيرة. وهذه الاستخدامات المختلفة توجد حتى في كثير من تحميل كتابات التربويين المختصين بالمناهج للتحميل حتى إنه ليصعب التوفيق بين هذه الاستعمالات المختلفة التي تبدو في تحميل كتاباتهم.
وبالرغم من أن اولئك المختصين قد حاولوا في سبيل الوضوح أن يحددوا حدودا تقيد معنى كلمة" منهج" إلا أنهم لا زالوا غير متفقين بشأن الاشياء او الاسس التي تؤخذ بعين الاعتبار عند صياغة تعريفات لهذة الكلمة تستند إلى قدر من الشرعية والمصداقية.
حيث يرى هنسون :
إن مصطلح منهج أتى أصلا من كلمة لاتينية تعني ميدان أو حلبة السباق، لكن عندما تستخدم هذه الكلمة في التربية فإنها بلا ريب تأخذ معنى ودلالة مختلفان. بيد أنه تبعا للصورة التقليدية التي كانت سائدة في أذهان كثير من الناس، فإن هذه الكلمة كانت تعني قائمة بالمقررات الدراسية التي يدرس مشروحها الطلاب. ولكن مع مرور الزمن ، توسع هذا التعريف متخذا عدة معان إضافية. وبالرغم من ذلك فإنه يمكن القول بأن مطوري المناهج للتحميل الذين لديهم رؤية واضحة جلية لهذه المعاني المتعددة فإنه بمقدورهم أن يقوموا بنطاق أوسع من الانشطة لتطوير المناهج للتحميل -وألأنشطة المتعلقة - أكثر من اولئك الذين تعوزهم النظرة الجلية لتعريفات المنهج المتعددة خاصة في المجالات التربوية.
ويعرف تابا المنهج بأنه (خطة للتعلم):
ويستأنف مفسرا بقوله: يحتوي المنهج في العادة على قائمة بالأهداف العامة والخاصة له، كما أنه يحتوي على كلام عن شرح كيفية اختيار وتنظيم المحتوى الذي فيه، وهو كذلك إما أن يشير ضمنا او يتحدث صراحة عن طرق تدريسية وتلقينية معينة سواء حتم ذلك طبيعة الاهداف أم طريقة تنطيم المحتوى. وفي نهايته نجد برنامج رائعا لتقييم نتائجه أو مخرجاته التلقينية (أي إلى أي مدى تحققت الاهداف المرجوة منه؟).
المنهج كبرنامج رائع للدراسة
في بدايه استخدام هذا المصطلح في التلقين الامريكي، كان (المنهج) يعني برنامج رائعا للدراسة. فمثلا ،
Zais (1979) يقرر لنا إنه عندما يُالرجاء تقديم من الشخص العادي أن يصف منهجا ما فإنه على الأغلب سيذكر لنا قائمة من المواد أو المقررات الدراسية. هذا المفهوم للمنهج منتشر في كثير من أدلة الدراسة في شتى الجامعات والكليات، والتي كثيرا ما تذكر مجموعة من المقررات التي تُدرّس في أي برنامج رائع دراسي من البرامج المتوفرة بالجامعة أو الكلية.
المنهج كاجبارية وثيقة:
بعض التربويين يعرفون المنهج حسبما يقتضي الغرض منه، والذي هو تحسين التلقين بالدرجة الأولى. فعلى سبيل المثال، نجد أن جيمس مكدونالد قد عرف المنهج على أنه " مهام/إجراءات للمعلم مخططة أو معدة مسبقا لغرض التلقين"
بينما يرى فوشي إن مثل هذا التعريف يتضمن أن المنهج هو مجرد اجبارية وثيقة. لأننا نرى مثلا أنه عندما يقوم مجموعة معتبرة من الناس بزيارة ميدانية لمدرس مشروحة أو معهد معين، فإن بعض عائلة هذه المجموعة ربما يرغب الاطلاع على منهج مادة العلوم مثلا.، وهوعندما يبدي هذه الرغبة فإنه يتوقع من مدير المدرس مشروحة أن يريه ورقة رسمية تشرح أو تفصل (منهج) أو برنامج رائع مادة العلوم في تلك المدرس مشروحة.
المنهج كتجارب أو خبرات للمعلم مخططة:
وأما بالنسبة لفريق آخر من التربويين، فإن مصطلح المنهج يعني لديهم التجارب أو الخبرات الللمعلم مخططة او المعدة للمدرس مشروحة. فمثلا نجد أن ألكسساندر (1966) يفرق بين الواقع الحقيقي للانشطة التلقينية في المدرس مشروحة وبين ما هو للمعلم مخطط أو مفترض أصلا أن تقوم به من أنشطة. ولنا أن نتأمل القول بأن" المنهج ينتظم كل الفرص التلقينية التي تقدمها المدرس مشروحة" مقابل القول بأن"خطة المنهج هي الإعداد والتنسيق المسبق للفرص التلقينية المقدمة لشريحة معينة من المتعلمين" . كذلك نجد أن كلا (Saylor) و(Alexander) يقولان بان دليل جاهز المنهج هو خطة مكتوبة للمنهج.
كما يرى نفس هذه الرؤية جمع آخر من التربويين بان المنهج هو مجموعة من الخبرات. ومن هذا الفريق نجد
(Smith, Stanley, & Shores) الذين يرون أن المنهج عبارة عن مجموعة متوالية من الخبرات الممكن تحصيلها والتي أعدتها المدرس مشروحة سلفا لغرض تلقين الطلاب طرق التفكير والعمل الجماعي.
بينما يرى (Caswell & Campell) أن المنهج هو كل الخبرات التي يحصل عليها الطلاب مع إرشاد المعلم لهم.
ويمكن – عزيزي القارئ- ان نصل الى خاتمة تعريف المنهج كما وصفها (Doll, 1989) بان المنهج الان قد أصبح يعني بصورة عامة كل الخبرات التي يتلقاها الطلاب تحت رعاية المدرس مشروحة.
وعموما فان في أوسع استخدام لهذا المصطلح، فإن (المنهج) يستخدم بصورة اعتيادية من قبل المختصين بالمناهج للتحميل على طريقتين: الأولى : ليشيروا بصورة عامة إلى خطة لتلقين الطلاب، والثانية : ليعنوا به برنامج رائعا أو مجالا معينا للدراسة. فالمنهج بوصفه خطة لتلقين الطلاب غالبا ما يشار له بكلمة (المنهج) على الإطلاق. لكن في الوقت الراهن، لا يزال هناك خلاف بين المختصين فيما يتعلق بمكونات تلك الخطة. وعلى أية حال فان المنهج كخطة تلقينية للطلاب يعتبر جزءا لا يتجزا من محتوى ذلك المجال الأوسع المسمى ( المنهج). أن المنهج بوصفة مجالاللدراسة، شأنه شأن معظم التخصصات الأخرى، يتحدد ببعض المعايير فمنها:
أ - نطاق المواضيع التي يهتم بها (أي البنية الجوهرية للمنهج)
ب - طرق البحث جاهز والممارسة التي يتبعها (أي البنية التنظيمية التي يتبعها).
تطور هذا المجال حتى أصبح علما مستقلا بذاته:
لقد كان المنهج هاجسا للكثير من العلماء والكتـّاب على مر القرون. فعلى سبيل المثال نجد أن كلا من افلاطون (في القرن الرابع قبل الميلاد) و كومينيوس (في القرن السابع عشر) و فرويبل (في القرن التاسع عشر) قد أولوا المنهج ومشاكله قدرا من اهتمامهم ودرس مشروحهم. لكن الدراسة المركزة المتخصصة في المنهج وجوانبه
المتعددة وظهور علماء متخصصيين بالمنهج والنواحي المرتبطة به-- كل هذا لم يبدأفي الحقيقة إلا في القرن العشرين.. (Kliebard 1968, p. 70)
علم المنهج له معالم وأصول واضحة في اتجاه تربوي عرف باسم الحركة (الهربارتية) التي برزت في أواخر القرن التاسع عشر(Seguel 1966, p. 7 ff) . وهذه المدرس مشروحة التربوية تنسب إلى الفيلسوف الألماني جون فريدريش هربارت (1776-1841) الذي لقيت أفكاره وطروحاته التربوية رواجا وقبولا واسعا في الولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وفي خلال الفترة بين 1890 وأوائل القرن العشرين ظهرت تطورات تربوية بارزة لفتت الانتباه إلى قضايا المنهج. فأول هذه التطورات أن (لجنة العشرة) تحت رئاسة مدير جامعة هارفارد تشارلز إليوت أصدرت تقريرها المشهور سنة 1893. وهذا التقريرتناول أمورا تلقينية و مدرس مشروحية شتى مثل المقررات المتالرجاء تقديمة أو الإجبارية علىالالرجاء تقديمة، والمقررات الاختيارية، والمقررات التحضير رائعية للمرحلة الجامعية، إضافةإلى المقررات العملية. وفي عام 1895 تأسست جمعية هربارت والتي تسمى الآن الجمعية الوطنية لبحوث التربية. وفي العقدين التاليين ، لم يالُ كثير من التربويين جهدا في توجيه الاهتمام العام إلى دراسة محتويات المنهج وجوانبه المختلفة، لكن لم يظهر علماء متخصصون في هذا المجال إلا في وقت لاحق لهذاالتاريخ، أي في القرن العشرين كما أسلفنا أعلاه.
وعلى الرغم من ذلك الاهتمام المنصب على المنهج في تلك الأيام – بداية القرن الماضي- إلا أنه من بين هؤلاء المهتمين بالمنهج لم يكن هناك من عرفوا كـعلماء مختصين (بالمنهج)، وبالمثل لم يكن هناك تخصص علمي أو أكاديمي يـُعنى بدراسة المناهج للتحميل بالدرجة الأولى. واستمرت هذه الحال حتى عام 1918 عندما ظهر أول تحميل كتاب مختص بالمناهج للتحميل من تأليف (فرانكلين بوبيت)، معنون بـ (المنهج). ويعتبر هذا التحميل كتاب معلماً يحدد بداية ظهور علم المناهج للتحميل كعلم وتخصص مستقل بذاته.
لقد شهدت عشرينيات القرن الماضي فترة تكـوّن هذا العلم كتخصص وتشكله بصورته المستقلة. فخلال تلك الفترة ، وبعد نشر تحميل كتاب (بوبيت) أعلاه، ظهر العديد من الالكتب الجاهزة التي كرست لدراسة المنهج ألفت من قِبل مؤلفين ومنظرين تربويين كانوا وقتها ينظر إليهم كمختصين بالمنهج. فعلى سبيل المثال، قام دبليو تشارلز من جامعة أوهايو بنشر تحميل كتابه (بناء المناهج للتحميل) في عام 1923. وفي السنة التالية، ظهر تحميل كتاب مهم عنوانه (شرح كيف تعد منهجا) لمولفه (بوبيت) ، الكاتب السالف الذكر. وفي عام 1926 نشرت الجمعية الوطنية لدراسة التربية (أوالجمعية الوطنية لبحوث التربية والتلقين) تحميل كتابا من 685 صفحة يستعرض الحركة المنهجية المعاصرة في ذلك الوقت، وقد عنون ذلك التحميل كتاب بـ (بناء المناهج للتحميل : الأسس والطرائق ) . إن ذلك التحميل كتاب المكون من جزئين رئيسين تم إعداده من قبل لجنة بارزة من (علماء المناهج للتحميل) والتي ضمت في عدادها فرانكلين بوبيت، ودبليو تشارترز، و تشارلز جود، وتحت رئاسة هارولد راج. (Frabklin Bobbitt, W. Charters, and Harold Rugg).
وخلال تلك الفترة ، تميز بروز (المناهج للتحميل) كعلم مستقل بذاته بعدة مستجدات أخرى. فعلى سبيل المثال قام عدد متزايد من الإدارات التلقينية بإعادة النظر في مناهج للتحميلها ومراجعتها. ففي عام 1922 مثلا، بدأت مدينة دنفر في كولورادو مشروعا موسعا لتحسين المناهج للتحميل في منطقتها التلقينية، وبالمثل في سنة 1925 قامت مدينة سانت لويس بما اعتبر أكبر واشمل مشروع لتحسين المناهج للتحميل وتطويرها على مستوى الولايات المتحدة، حيث اشترك في هذا البرنامج رائع مئات المعلمين إضافة إلى عدد كبير من علماء المناهج للتحميل. وبالطبع ، كانت مثل هذه البرامج التحسينية الموسعة شيئا جديدا لا مثيل له في النظام التلقيني في ذلك الوقت.
ومن المظاهر الاخرى لتزايد الاهتمام بعلم المناهج للتحميل هو تأسيس معامل جامعية لدارستها، إذ أنه بعد أن قامت كلية التربية بجامعة كولومبيا بافتتاح أول معمل فيها لدراسة المناهج للتحميل، تابعتها كليات وأقسام تربوية أخرى بإنشاء معامل مماثلة.
كما شهدت ثلاثينيات القرن تطورات أخرى أسهمت في تعزيز مكانة ا(المناهج للتحميل) كعلم مستقل بذاته. فعلى مستوى الولايات المتحدة كلها، أصبحت الإدارت التلقينية أكثر وعيا و اهتماما بعملية تحسين المناهج للتحميل وتطويرها عما هي عليه في ذلك الوقت.، وعلى إثر ذلك الوعي بدأت تلك الإدارات بتنفيذ برامج لذاك الغرض. وكذلك قامت الجامعات بافتتاح أقسام أكاديمية متخصصة بالمناهج للتحميل لما أحس القائمون عليها بهذه الهالة التربوية التي اتسمت بها (المناهج للتحميل) في تلك الفترة. ومن تلك الأقسام، يعتبر قسم (المناهج للتحميل وطرق التدريس) في كلية التربية – جامعة كولومبيا اشهر الأقسام التي افتتحت لهذا الغرض في ذلك الوقت. كما تلى ذلك تأسيس ما عرف بـ(رابطة تطوير المناهج للتحميل والإشراف عليها) والتي أصبحت الشبكة العلمي والمهني لمختصي المناهج للتحميل والعاملين فيها على مستوى الولايات المتحدة.

بناء المناهج للتحميل

مما لاشك فيه أن المناهج للتحميل هي صلب التلقين وليس هناك تلقين بدون مناهج للتحميل. وكما ذكرت في مكان آخر من هذا الموقع أن المناهج للتحميل لا تعني تلك المواد التي يدرس مشروحها الطلاب في مدارسهم. بل هي أوسع وأشمل من ذلك وما تلك المواد التي يدرس مشروحها الطلاب إلا جزءاً من المناهج للتحميل ، وإلا فالمناهج للتحميل تشمل المدرس مشروح، والمدير، والطالب، والمبنى ، والتحميل كتاب والوسيلة التلقينية، وكل شيء يتصل بالعلمية التلقينية.
وتعال بنا هنا نحاول أن نتعرف اكثر على شرح كيفية بناء هذا العلم، وشرح كيف يراه علماؤه من حيث الارتباط بالعملية التلقينية.
بناء المناهج للتحميل
لقد اعتاد علماء التربية بصورة تقليدية على استخدام مصطلح (بناء المناهج للتحميل) ليشير بصورة غير محددة إإلى جميع العمليات التي توظف في بناء وإعداد المناهج للتحميل. والذي يظهر من أدبيات التربية أن هذا المصطلح يرادف مصطلحين آخرين هما تكوين المناهج للتحميل وهندسة المناهج للتحميل. لكن في هذا السياق الذي نحن بصدده فإننا سنركز على تعريف محدد لهذا المصطلح، .وهو أن بناء المناهج للتحميل هو ( العملية التي تقرر أو تحدد طبيعة مكونات المنهج وطريقة تنظيم هذه المكونات) . إن تلك العملية التي تحدد محتويات المنهج تفرض رائع علينا اولا أن نجيب على كثير من الأسئلة مثل: ماهي صفات المجتمع السليم؟ وما هي طبيعة الإنسان؟ وما هي الحياة السليمة؟ وما هي طبيعة المعرفة؟ وما هي الأهداف التي ينبغي أن تكون للتلقين؟ وما هو التصميم المنهجي الجيد الذي يتوافقً مع التزاماتنا الأساسية؟ وما هو المحتوى المعرفي الذي ينبغي أن يعطى لجيمع الطلاب؟ وما هي الأنشطة التي يقوم بها الطلاب لكي يحصلوا على المحتوى المعرفي إياه. وشرح كيف يتسنى لنا أن نقيـّم مستوى كل من الأهداف التلقينية، والمحتوى المعرفي، والأنشطة المنهجية؟
وكما رأينا أعلاه، فإنه بالرغم أننا حاولنا أن نحصر تعريف مصطلح المناهج للتحميل في نطاق معين إلا أن المحددات والكلمات التي نستخدمها في ذلك الحصر أو التعريف تظل واسعة الدلالة. إن بناء المناهج للتحميل يعتبر عملية في غاية الأهمية مقارنة ببقية نواحي المنهج إذا ما علمنا أنها العملية التي تقرر طبيعة ما سيحتوي عليه المنهج الذي سيقدم للمتعلمين.
تكوين المنهج
إن تكوين المنهج شأنه ، شأن بناء المنهج، مصطلح يشير إلى عملية قائمة بذاتها. وبالرغم من ارتباط هذه العملية ببناء المناهج للتحميل إلا أن انها تتميز عنها من جهة النواحي التي تعنى بها ، فهي تركز بالدرجة الآولي على شرح كيفية سير عملية بناء المناهج للتحميل.
وهذه العلمية تأخذ في الحسبان الاسئلة التالية: من سيشترك في عملية بناء المنهج؟ (المعلمون، الإداريون، أولياء الأمور، الطلاب؟) . وماهي الطرق التي ستستخدم في بناء المنهج؟ (التوجيه الإداري، لجان الكليات، الاستشارات الاكاديمية) ، وإذا ما كانت اللجان ستكلف بهذا العمل، فما هي آليتها التنظيمية؟
في التطبيق الواقعي لكلا العمليتين السابقتين نجد أن تكوين المنهج لا يسبق بالضرورة بناء المنهج. إذ أن العمليتين تتداخلان عندما تتخذ قراراتهما أي تحدد أجوبة لكل من أسئلتهما في وقت واحد. فعلى سبيل المثال، لو أردنا تكليف مدرس مشروحي لغة إنجليزية لبناء منهج مدرس مشروحي في الأدب فإن هذا يقتضي أننا سبق أن حددنا سلفا طبيعة الادب الذي سيقدم للتلاميذ وشرح كيفية تنظيم محتواه. ولتلخيص الفرق بين العلميتين أعلاه، فإننا نقول بأن بناء المنهج هي عملية تركز على المنهج ذاته، في حين أن تكوين المنهج هو عملية تركز على عملية بناء المنهج وليس على المنهج ذاته.
التطبيق العملي للمناهج للتحميل
إن تطبيق المنهج يعني ببساطة وضع ما تقرر في عمليتي بناء المنهج وتكوينه موضع التنفيذ. ومن الجدير بالذكر هنا ، أنه لما كان مفهوم المنهج يحتوي أصلا على عنصر المتابعة و التقويم ، فإن تطبيق المنهج هو الذي يتيح لنا تفعيل عنصر المتابعة و التقويم المتضمن فيه، إذ أنه لا يمكننا تقويم أي منهج إلا بعد تطبيقه. وهذه الطريقة من المتابعة و التقويم والمراجعة رائعة تفيدنا كثيرا في عمليتي بناء المنهج وتكوينه وكذلك في تحسينه .
هندسة المناهج للتحميل
يعني مصطلح هندسة المناهج للتحميل، حسبما يراه (بيشامب) كل العمليات الضرورية والتي من شأنها أن تفـعّــل مناشط المنهج في المدرس مشروحة.
وتقوم هندسة المناهج للتحميل بثلاثة وظائف أساسية:
1- عمل المنهج
2- تطبيقه
3- تقييم أدائه
وبهذا يمكن القول بأنه بناء على تعريف بيشامب فإن هندسة المناهج للتحميل هي مجموع عمليات بناء المنهج وتكوينه وتطبيقه، والتي تم شرحها أعلاه.
تغير المناهج للتحميل وتطورها
إن مفاهيم كل من تحسين المنهج وتغييره ومراجعته هي مفاهيم مترادفة المعنى في أدبيات التربية. لكن (تابا 1962) تضع تمييزا بين هذه المفاهيم، فهو مثلا يقول بأن" تحسين المنهج هي عملية تؤدي إلى تغيير نواح معينة في المنهج دون المساس بالمفاهيم الأساسية والطرق التنظيمية الجوهرية فيه. بيمنا ترى أن تغيير المنهج يعني تحول كامل للمنهج بكافة محتوياته واهتماماته وأنشطته وآلياته التنظيمية. ومن المهم هنا أن نلاحظ أن تغيير المنهج يقتضي تغييرا جوهريا في المفاهيم التي تبنى عليها كل نواحي المنهج السالفة الذكر.
إن تحسين المنهج هو عملية تحظى باهتمام الأفراد والجهات المختصة بالتلقين المدرس مشروحي. ذلك أنه عملية تتالرجاء تقديم فقط إجراء تنقيحات وتعديلات ليست بالكبيرة او الجوهرية، ولهذا فهي تعتبر عملية ليست بذات خطورة أو نتائج قوية الأثر. لكن بالرغم من انها عملية مأمونة العواقب إلا أن قبول الأفراد بها ليس بهذه السهولة. فالبعض يرى أن تغيير المنهج يعني في احد جوانبه تغيير المنشأة (تابا 1962)، وأن هذه العملية تقتضي تغييرا في طبيعة القيم والناس والمجتمع والثقافة وفي مفاهيمنا المتعلقة بماهية التلقين السليم والحياة السليمة. ولهذا فليس من المستغرب أن نرى ان تغيير المناهج للتحميل غالبا ما يحدث بصورة تدريجية تحت وطأة ضغوط او ظروف تاريخية محددة. كما أن كثيرا ممن حاولوا تغيير المناهج للتحميل قد جوبهت محاولاتهم بالرفض والمقاومة، لذا فإن من يقترح أو يفكر في تغيير المناهج للتحميل لا بد أن يأخذ في حسابه أنه قد يواجه ما تواجهه أي محاولة مماثلة لتغيير المجتمع وقيمه ومفاهيمه.
وفي الختام لا بد من الإشارة إلى نقطتين متعلقتين بطبيعة تغيير المنهج، أولاهما: يجب أن نعلم أن التغيير هو أمر واقع لا محالة، وأنه سيتم رغم محاولات البعض اعتراضه. وثانيهما : أن التغييرلا يمكن الحكم عليه من حيث المبدأ بأنه سيء أو جيد ، وإنما يحكم على مساره فقط بالخطأ أو الصواب. و من هاتين النقطتين من الطبيعي لنا أن نستنتج بأنه مادام التغيير سيحدث لا محالة، فإنه من المستحسن أن يحدث تحت إشراف أناس يتسمون بالحكمة والرشد أفضل مما يتم هكذا بطريقة عشوائية، او استجابة لظروف تاريخية.

اساسيات المناهج للتحميل
إن أسس المناهج للتحميل هي تلك القوى والمؤثرات التي تؤثر على صياغة محتوى المنهج وطريقة تنظيمه. وهذه الأسس غالبا ما يشار إليها في أدبيات التربية على أنها العوامل الحاسمة أو المحددة في صياغة المناهج للتحميل. وعلى الرغم من انه لا يزال هنالك جدال حول بعض النقاط التفصيلية لأسس المناهج للتحميل إلا أنه هنالك شبه اتفاق على أن معظم العوامل التالية أدناه يجب أن تدرج في عداد أسس المناهج للتحميل، وهذه العوامل هي
فلسفة المعرفة وطبيعتها
مما لا ريب فيها أن الآراء والافتراضات الفلسفية تنتظم الأسس التي تستند عليها كثير من المجالات. وتبدو لنا أهمية الافتراضات الفلسفية لطبيعة المعرفة واضحة جلية في حقل المناهج للتحميل إذا ما عرفنا أن هدف المربين والمعلمين في عملهم هو تزويد الطلاب بالمعرفة والتلقين. إذ أن أهداف المنهج ومحتواه ستختلف وتتنوع تبعا للنظرة التي يحملها لانسان عن طبيعة المعرفة (الصحيحة) وفيما إذا كانت هذه المعرفة توجد في العالم الملموس المحيط بالمرء أم في دخيلة الانسان نفسه ضمن الأعماق والدخائل الذاتية في العقل البشري. فإذا سلمنا بالرأي الأول، أي أن المعرفة الصحيحة موجودة في العالم المحسوس من حولنا، فإن المنهج الذي يبنى على هذه النظرة تجده يركز على تلقين الانشطة التي تتناول أشياء موضوعية أو علمية بحتة، مع تعلم قوانين ومسلمات متعلقة بها. أما إذا آمنا بالنظرة الثانية، أي أن المعرفة الصحيحة توجد داخل الانسان نفسه، فإن المنهج الذي نبنيه استنادا إلى هذه النظرة سيركز بالدرجة الاولى على دراسة الآداب والفنون
المجتمع وثقافته
بما أن المدارس في المجتمع قد أنشئت وتأسست لغرض الحفاظ على الموروث الثقافي للمجتمع، فليس من المستبعد إذن أن يؤثر المجتمع وثقافته تأثيرا قويا على المنهج. لذا فإننا سرعان ما نجد الأفكار التقليدية عن ما هو مقبول وماهو مرفوض من وجهة نظر المجمتع منعكسة في المنهج نفسه بأهدافه ومحتوياته وأنشطته التلقينية المختلفة. فعلى سبيل المثال يمكننا ملاحظة تأثير الثقافة على المنهج في تلك الالكتب الجاهزة المدرس مشروحية في بريطانيا وأمريكا التي خُصصت لموضوع الثورة الامريكية التي حدثت أواخر القرن الثامن عشر. ففي تلك الالكتب الجاهزة ، لا يسري الاختلاف بينها على الاهداف والمحتوى فحسب، وإنما كذلك على درجة الأهمية التي توليها تلك الالكتب الجاهزة لهذا الحدث
- الفرد
إن طبيعة العنصر البشري من وجه نظر المنهج تؤثر عليه (أي على المنهج) من وجهين.
فالاول: أن الطبيعة الحيوية- النفسية للانسان تفرض رائع علينا قيودا في محتوى المنهج وطريقة تنظيمه. إذ أن الانسان لا يستطيع تعلم إلا ما تسمح به إمكانياته التي خلق بها، ولذلك فإن المنهج الذي يحاول أن يعلم الطلاب شرح كيف يطيروا في الهواء من دون آلة أو شرح كيف يتعلموا اللغة الصينية في ظرف أسبوع سيكون مصيره الفشل بلا ريب.
والثاني، وليس أقل أهمية، أن نظرة الانسان نفسه الفلسفية لطبيعته البشرية تؤثر على المنهج كذلك تأثيرا كبيرا. فعلى سبيل المثال، قضية ما إذا كان الإنسان خيرا بطبيعته الأصلية أم شريرا تؤثر تأثيرا بالغا على المنهج. فإذا ما افترضنا أن الانسان خير بطبيعته فإن المنهج الذي نبنيه على هذه النظرة ستيح للمتعلمين حرية اختيار مجالاتهم الدراسية المستقبلية. أما إذا افترضنا أن الانسان شرير بطبيعته (كما يرى كالفن) فإن المنهج الذي نبنيه سيكون متسما بمحتويات ومسارات دراسية محددة لا يسمح للمتعلمين أن يحيدوا عنها ولا يعطيهم فرصة الاختيار فيها.
- نظريات التعلم
إن النظريات التي تشرح شرح كيفية حدوث التعلم البشري تؤثر كذلك على المنهج، فعلى سبيل المثال، النظرية التي ظهرت في القرن التاسع عشر والتي تـشبـّـه العقل البشري بالعضله التي تنمو وتزداد قوة مع مداومة الرياضة والمران أدت إلى ظهور مناهج للتحميل تركز بكثافة على مواضيع صعبة كاللغة اللاتينية والرياضيات. وهنالك نظرية تعلم أخرى تقول بأن (الانسان يتعلم بالعمل) ، فالمنهج الذي يتبـّع هذه النظرية كان يقدم للالرجاء تقديمة مشاكل معينة ويالرجاء تقديم منهم حلها، مع إعطائهم موادأ ولية (خامات) يمكن توظيفها في الحل ويتوقع منهم أن يكتسبوا المعرفة والمهارة بهذه الطريقة
المناهج للتحميل المستترة
هناك صنف من المناهج للتحميل غير ظاهرة للعيان وهو ذاك الصنف الغير للمعلم مخطط له مسبقا من صانعي السياسية التلقينية. وقد حاول علماء المناهج للتحميل جاهدين تعريف هذا الصنف ، ولكن لم يصلوا إلى تعريف واحد محدد كما يقول هنستون. ولعلي هنا انقل لك بعضاً من أقوالهم عن ذلك العلم:
إن المنهج الذي نتكلم عنه هنا ، رغم أنه يحتوي على نواح مختلفة، له سمة عامة ضمنية واحدة: ألا وهي أنه باد للعيان، سواء كان تحميل كتابا يقرأ أم مجموعة من الانشطة التلقينية المستمرة. لكن لو استعرنا مشابهته لوجه القمر على سبيل المثال، لوجدنا أن المنهج كذلك مثل القمر يبدي لنا وجها قد أخفى بعضه، ولتبسيط هذه الفكرة، يمكننا القول أن المنهج له بعد أو واجهة غير ظاهرة للعيان. وهذه الجهة الغير بادية للعيان تسمى في العادة (المنهج المستتر) أو الخفي. ونجد أن بعض الكتـّاب مثل Wiles and Bondi (1993) يعرفون هذا النوع من المناهج للتحميل على أنه (المنهج الغير للمعلم مخطط له) أي الذي لا توجد له بنود في خطة المدرس مشروحة . ويقول (Schubert 1986: p. 105) بأن المنهج المستتر هو ذلك الذي يتم تلقيهمن قبل الطلاب في العادة بطريقة ضمنية أي غير مباشرة من مجموع تراكمات الخبرات في المدرس مشروحة. و يشرح لنا (McNeil 1990: p.308) ذلك المنهج بأنه الممارسات أوالآثار التلقينية الذي تنتقل إلى الطالب من غير أن تكون في الخطة الرسمية للمدرس مشروحة.
بعد إيراد هذه الاقوال حول هذا النوع ، لامناص من التقرير بأن محاولة فهم طبيعة المنهج المستتر تبدو لنا صعبة، بيد أن الذي ليس صعبا علينا أن نلاحظه هو الأثر القوي لهذا المنهج في أي مدرس مشروحة، والذي يبلغ من القوة أنه يؤدي في بعض الأحيان إلى تغيير وتطوير في جهود المدرس مشروحة ورسالتها في المجتمع، سواء على مستوى المدرس مشروحة نفسها أم على مستوى النظام التلقيني في البلد ككل. لكن في أحيان أخرى أيضا يمكن لهذا المنهج أن يعمل العكس، فيثبط جهود المدرس مشروحة ورسالتها، أو يدعم ويعزز بعض الجوانب والأنشطة المدرس مشروحية المعينة على حساب جوانب وأنشطة مدرس مشروحية أخرى.
ومن نتائج هذا المنهج على الطالب، هي سمة (الاجتماعية والألـْـفة) التي يكتسبها الطالب بسبب وجوده في المدرس مشروحة. وبفعل وجود الطالب في (مجتمع) متعدد الأفراد داخل المدرس مشروحة فإن بعض المدارس تلقي في مخيلة الطالب أن سبيله للنجاج في بلد متقدم كالولايات المتحدة يكمن في المنافسة. بينما في بعض المدارس الأخرى ، ينظر إلى التعاون على أنه الطريق المفضل للنجاح. وكذلك في بعض المدارس قد يتعلم الطلاب شرح كيفية التعايش في بيئة توجد بها أعراق وثقافات مختلفة، بينما في مدارس أخرى، قد يتعلم الطلاب أن يتجنبوا الناس الذين لا ينتمون إلى مجموعتهم العرقية أو الثقافية. وهذه الأمثلة تعتبر مجرد أشياء معدودة من خضم كبير يحتوي عليه المنهج المستتر في المدرس مشروحة.
طبيعة المناهج للتحميل المستترة
إن طبيعة المنهج المستتر تبدو لنا خفية ومضمرة أكثر مما هي بارزة وواضحة، لكن كونها هكذا يمكن أن يكون متعمدة من قبل المدرس مشروحة. فعلا سبيل المثال يصف لنا (Apple 1979, p.14) المنهج المستتر بأنه تلك الافكار والقيم والطبائع التي يكتسبها الطالب أثناء تعايشه وتشرح كيفه مع الحياة المدرس مشروحية اليومية على مدى سني دراسته. لكن من المخاطر التي قد تنتج عنه (أي عن المنهج المستتر)، هو ذلك التحامل الذي قد يكتسبه الطلاب تجاه الآخرين، خاصة في المجتمعات التي يوجد فيها عرقيات ثقافية مختلفة






©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©