ﻓﻲ ﺳﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻭ ﺍﻷﻭﺍﻥ ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ
ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻳﻮﻧﺎﻧﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻳﻌﺒﺪﻭﻥ ﺁﻟﻬﺔ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻓﻬﻢ ﻳﺠﻌﻠﻮﻥ
ﻟﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﺁﻟﻬﺔ ﻓﻜﺎﻧﻮﺍ ﻳﻘﺪﺳﻮﻧﻬﺎ ﻭ ﻳﺤﺮﻣﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ
ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﻏﻀﺐ ﺁﻟﻬﺘﻬﻢ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻃﻴﻮﺭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺗﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﺗﺤﺎﺩﻫﺎ
ﻓﻲ ﺟﻤﻊ ﺍﻷﻛﻞ ﻭ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻟﻜﻲ ﻻ ﺗﻘﻊ ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺼﻄﺎﺩﻭﻧﻬﺎ ﻟﺠﻌﻠﻬﺎ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ ﻟﻶﻟﻬﺔ ﻭ ﻟﻜﻦ ﺣﻤﺎﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ
ﻟﻬﺎ ﻓﺮﺍﺥ ﻣﻄﻴﻌﺔ ﺇﻻ ﻓﺮﺥ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﻘﺐ ﺑﺎﺳﻢ "ﻫﺪﻳﻞ " ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ
ﻃﺎﺋﺸﺎ ﻻ ﻳﻬﺎﺏ ﻣﻦ ﺷﻲﺀ ﻭ ﻟﻜﻦ ﺃﻣﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺤﺬﺭﻩ ﻭ ﺗﻨﺒﻬﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ ، ﻭ
ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﺧﺮﺝ ﻫﺪﻳﻞ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻟﻠﺘﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﻭ ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ
ﺗﺨﻄﻴﺎ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻵﻣﻨﺔ ﻷﻋﺸﺎﺷﻬﻢ ﻭ ﺍﻗﺘﺮﺑﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﻌﺞ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻓﻴﻦ ، ﻓﻠﻤﺎ ﻟﺒﺜﻮﺍ ﺃﻥ ﺭﺃﻭﺍ ﺍﻟﺤﻤﺎﻣﺘﻴﻦ ﺣﺘﻰ
ﺍﺧﺬ ﺻﻴﺎﺩ ﺑﻨﺪﻗﻴﺘﻪ ﻭ ﺃﻃﻠﻖ ﻃﻠﻘﺘﻴﻦ ﻓﺄﺻﺎﺑﻬﻤﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ، ﻭ ﻫﻜﺬﺍ
ﺃﺳﺮﻉ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ ﻷﺧﺬﻫﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻴﺘﻪ ﻓﺪﺍﻭﻯ ﺟﺮﺣﻴﻬﻤﺎ ﻭ ﺍﻧﺘﻈﺮ
ﺷﻔﺎﺀﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺮ ﻟﺤﻠﻮﻝ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻋﻨﺪ
ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﻤﺎ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ ﻟﻶﻟﻬﺔ ، ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﻘﺪﻡ ﻟﻬﻤﺎ ﻃﻌﺎﻣﺎ ﻭ ﻻ ﺷﺮﺍﺑﺎ
ﺇﻻ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﺇﻧﺎﺀ ﺻﻐﻴﺮ ﻻ ﻳﺮﻭﻱ ﺿﻤﺄﻫﻤﺎ ﻭ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻡ ﻫﺪﻳﻞ
ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﻦ ﻭ ﺍﻵﺧﺮ ﺑﻌﺪ ﺳﻤﺎﻋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺨﺒﺮ ﻟﻼﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺧﻬﺎ
ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ ، ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺒﻜﻲ ﺑﻜﺎﺀ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻭ ﻫﻲ ﺗﻠﻮﻡ
ﺍﺑﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﻴﺸﻪ ، ﻭ ﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﻋﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﻔﺮﺧﺎﻥ
ﺍﻟﻌﻄﺶ ﻭ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭ ﻣﺎﺗﺎ ﻭ ﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﻔﺼﻲ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ ، ﻭ ﻣﺎ ﺇﻥ ﻋﻠﻤﺖ
ﺃﻡ ﻫﺪﻳﻞ ﺑﻤﻮﺗﻬﻤﺎ ﺣﺘﻰ ﺑﺪﺃﺕ ﺗﻨﺘﺤﺐ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻼ ﺗﺄﻛﻞ ﻭ ﻻ
ﺗﺸﺮﺏ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺗﺖ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺍﻟﺒﺎﻛﺮ ﺑﻌﺪ ﻋﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ، ﻭ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﻳﻨﺘﺤﺐ ﻛﻞ ﺻﺒﺎﺡ ﺗﻌﺒﻴﺮﺍ ﻟﺤﺰﻧﻪ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﻤﺎﻣﺔ ﻭ ﻓﺮﺧﻬﺎ ، ﻭ ﻣﻦ ﺛﻢ ﺷﺎﻉ ﺧﺒﺮﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﻭ ﺃﺻﺒﺤﺖ
ﻋﺎﺩﺓ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻛﻞ ﺻﺒﺎﺡ ﻭ ﺳﻤﻲ ﺻﻮﺗﻪ ﺑﺎﺳﻢ
"ﻫﺪﻳﻞ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ " .