في ثقافةالتذوق الموسيقي



يقول الفيلسوف شوبنهاور عندما قال (الموسيقى لغة الشعور والكلاملغة العقل). وهنا يأتي دور التذوق الموسيقي وما يحمل من معاني خفية تلعب دوراًبارزاً في نفسية وفكر وكيان المستمع والمتذوق للموسيقي، وماذا يخفي في مكنونهالعميق من الثقافة والنفسية حتى الفكرية بالنسبة للإنسان، وهذا ما أردنا أن نسلطالضوء عليه في هذا الموضوع.
التذوق الموسيقي:
يمكن أن نعرف التذوق بصفة عامة بأنه إعطاءقيمة وتقدير للشيءأما التذوق الموسيقي فإنه الحساسية للقيمة لجمالية الموسيقي والإحساس الجمالي لا بد وأن يتضمن الاستمتاعوالمعرفة. والمبدأ الذي يجب الإيمان به هو وجوب الاستماعباهتمام ولو مرة واحدة لأي مقطوعة موسيقية، مهما اعتقد المستمع بأنها رديئة وفيهذا الصدد يجب أن نوضح ما نعنيه بالاستماع.
إذ أن هناك فرق جوهري بين كلمتي (استماع) و(سماع) فالاستماع listening. يتعلق بوظيفة العقل ويعني السماعمع توافرالهدف وهذا يتضمن الاستماع إلى الموسيقا للتعرف على جوانبها المختلفة ويعتبرالاستماع هدف التلقين المنظم.
أما السماع hearing فمتعلقبوظيفة الأذن وهو عبارة عن تلقي المثيرات الصوتية أوالموسيقية دون الاهتمام الصريحبها.

وعليه صنف علماء الموسيقا الاستماع إلى مستويات ثلاثة هي:
-
المستوى الحسي:
وهو أبسط الطرق حيث يتم به الاستماع لمجرد التمتع بالأصوات الموسيقية ذاتها. وبه نستسلم إلى الاستماع دون تفكير أو تقدير للموسيقا بأية طريقة من الطرف فنفتح جهاز الاستقبال لنستمع للموسيقا ونغوص فيها دون تفكير ودون وعي بينما باقي الوقت نكون منشغلين بأعمال أخرى.
-
المستوى التعبيري:
هو الاستماع إلى الموسيقا مع محاولة معرفة ما تعبر عنه وما تحمله من معان، وهنا نلاحظ بأن الموسيقا هي أدق من كل اللغات عندما تعبر عن حالة تعجز اللغات عنها بكلمات. ومنها يستطيع المستمع النابه أن يرسم في ذهنه الإطار الشعوري العام لما يدور حوله من الألحان سواء كانت مفرحة أم محزنة.
-
المستوى الموسيقيالبحت:
هو المستوى الحسي المنبعث من أصوات الموسيقا والمعبر عن الجانب الشعوري في الإنسان، فإن للموسيقا كيانها الناشئ عن نغماتها الموسيقية نفسها وعن معالجة هذه النغمات، ومعظم المستمعين لا يشعرون بهذا المستوى الثالث شعوراً كافياً. ومن هنا يأتي دور (الثقافة الموسيقية في التذوق) التي تعتبر الطريق الذي يمهد إلى تهذيب النفس ويعمل على تنمية حاسة التذوق والجمال.
ولنعد ثانية موضحين ما لهذه اللغة من أثر، الموسيقا أعظم خطراً وأكبر أثراً من التصوير لأنها تشغل الناس محركة أحاسيسهم البدنية والروحية وتمثل الحركة في الزمن مثل السعادة والألم كما تحرك فيهم الذكريات، وللموسيقا من بين جميع الفنون هي التي تتيح للفنان أن يحرر عقله تحرراً كاملاً من الأفكار الدفينة التي ينطوي عليها شعوره، فتظل طي جوانحه نابضة ملحة قادرة على تغيير سلوكه، وإذا تأملنا مقطوعة موسيقية بطريقة منهجية فإننا نلاحظ بأنها تعبر عن جانب من جوانب المؤلف الشخصية.
لذا نلح على القارئ الكريم أن يفهم الأهداف الرائعة التي ترمي إليها عملية التذوق عند الاستماع:


أهداف التذوق: بإختصار

- يساعد بشكل واضح وملموس في السمو بالذوق والإدراك الفني.
- يجعل المستمع يفهم الموسيقا على أساس من الصحة والصواب للوصول إلى درجات واسعة من المتعة بالفهم الدقيق لها باعتبارها أداة التعبير عن الوجدان البشري.
- يساعد على معرفة الشكل الظاهري للمقطوعة من حيث الصياغة والبناء.
- اكتشاف القيمة الفنية الكامنة بالداخل، والتعرف على نماذج جاهزة وصور من هذا الفن الرفيع الذي يترك في مستمعيه أثراً مستحسناً يحثه على الاستزادة والتوسع في المجالات الموسيقية المتعددة .




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©