من استراتيجيات تدريس التلاميذمضطربي الانتباه مفرطي النشاط
عطية العمرييعانيالمعلمون عامة، ومعلمو مادة العربية خاصة، من فئة من الطلاب الذين لا يمكننا أننصنفهم بأنهم متدنو التحصيل، أو بأن نسبة ذكائهم منخفضة، أو أنهم متأخرون عقلياً،أو أنهم من ذوي الإعاقات الحسية، ومع ذلك نجدهم شاردي الذهن، سريعي الانفعال، زائديالحركة والنشاط بصورة غير معقولة؛ ما يؤثر سلباً على تحصيلهم وعلى سلوكهم. إنهم مايُطلق عليهم في علم النفس: "التلاميذ مضطربو الانتباه مفرطو النشاط".


فمن هم التلاميذ مضطربو الانتباه مفرطو النشاط؟
يعرِّفالباحثون التلاميذ مضطربي الانتباه مفرطي النشاط بأنهم: "هؤلاء التلاميذ الذينيتصفون بمظاهر صعوبات الانتباه وفرط النشاط كما تقاس بقائمة الملاحظة لسلوك الطفل،ويستثنى من هؤلاء جميع التلاميذ ذوي الإعاقات الحسية، وكذا المتأخرونعقلياً".

خصائص التلاميذ مضطربي الانتباه مفرطيالنشاط:
تتمثل الخصائص الأساسية في:
1-
صعوبات الانتباه وشرود الذهنوعدم القدرة على التركيز والانتباه والقابلية للتشتت.
2-
الاندفاعية وعدمالتروِّي في التفكير والمسارعة إلى رد الفعل دون ضابط، وعدم السيطرة على الانفعالاتقولاً أو عملاً.
3-
فرط النشاط بصورة غير مقبولة اجتماعياً.
أما الخصائصالثانوية لهذه الفئة، فهي كثيرة، ومنها: الصعوبات الاجتماعية، نقص النضج، عدمالتعاون، التمركز حول الذات، كثرة الشجار، ضعف تقدير الذات، حدة المزاج، الإحباط،النوبات الانفعالية، انخفاض مستوى التحصيل، المعارضة المتشددة، اضطرابات التواصل،التبول اللاإرادي، ... الخ .

أسباب اضطرابات الانتباهوفرط النشاط:
1-
عوامل عضوية بيولوجية: الوراثة، العمليات الكيميائيةالحيوية، تلف المخ.
2-
عوامل بيئية: مضاعفات الحمل والوضع، التسمم، سوء التغذيةوالعقاقير، التعرض للإشعاع، الحوادث.
3-
عوامل نفسية واجتماعية: العلاقات بينالطفل ووالديه، العلاقات بين الطفل والتلاميذ الصغار الآخرين، البيئةالمدرس مفصلية.

الاستراتيجيات التدريسية التي تتناسب مع هذهالفئة:فيما يلي بعض الاستراتيجيات التدريسية التي يمكن استخدامها مع هذهالفئة من التلاميذ، مع ملاحظة أن هناك أموراً أخرى يشارك في إجرائها معهم كل منالمرشد النفسي، والمرشد الاجتماعي، والوالدان، والزملاء، وكل من له علاقة، ولا يتسعالمجال هنا للتحدث عنها:

1-
الاستنتاج: وتعد هذه الاستراتيجية منالاستراتيجيات التي يمكن الاستفادة منها في تحسين الاستيعاب من خلال تدريبات، مثل: الصواب والخطأ، واستنتاج الكلمة المناسبة لتكملة الجملة. وقد استفاد الباحثون منهذه الاستراتيجية في بناء أسئلة فهم المقروء التي تعقب الفقرات القصيرة أو العباراتقليلة الجمل، وكذا في استنتاج القواعد اللغوية الخاصة بفهم بعض التراكيباللغوية.

2-
التكييف: فحينما يكتشف القارئ إخفاقه في الاستيعاب، فعليه أنيقوم بإجراء لتعديل مساره. وقد استفيد من هذه الاستراتيجية في تدريب التلميذ علىأن يكيِّف سرعة القراءة، أو مدى التركيز فيها، أو عدد المرات التي يكرر فيهاالقراءة، حتى يصل إلى الفهم المطلوب.

3-
توليد الأسئلة: فصياغة الأسئلةليست مهمة مقصورة على المعلمين وحدهم، بل إن المتعلمين في حاجة أيضاً إلى مثل هذاالإجراء. ويمكن الاستفادة من هذه الاستراتيجية أيضاً في زيادة الاستيعاب للتلاميذمضطربي الانتباه مفرطي النشاط، من خلال التدريبات التي تستخدم فيها بطاقات مثل: بطاقات الأسئلة والأجوبة، بطاقات التدريب على استخدام أدوات الاستفهام، وكذا فيتشجيعهم على طرح الأسئلة على المعلم وعلى بعضهم البعض.

4-
الفهم فيالقراءة: وأساس هذه الاستراتيجية أنه لا قراءة دون فهم، وهي تستخدم في تدريسالموضوعات القرائية لأول مرة، وهي تشبه الطريقة المتبعة حالياً في المدارس، حيثنبدأ بالتمهيد للموضوع، ثم قراءة الموضوع قراءة صامتة، وتقسيمه إلى جمل وفقراتبسيطة، كل جملة عليها مجموعة من الأسئلة، يجيب عنها التلاميذ بمجرد انتهائهم منقراءة الموضوع قراءة صامتة، ثم تبدأ إجراءات القراءة الجهرية.

5-
البدءبالنموذج رسمي: وأساس هذه الاستراتيجية "المحاكاة وإعطاء نموذج رسمي للقراءة الصحيحة يمكن أنيقلده الآخرون ويسترشدوا به في أثناء قراءتهم". وتبدأ هذه الاستراتيجية بقراءةجهرية يقوم بها المعلم بعد التمهيد للدرس مفصل، ويناقش التلاميذ في معاني الألفاظ الصعبةوالأساليب الغامضة إذا شعر بحاجة التلاميذ إلى ذلك، ثم ينتقل بعد ذلك إلى تقسيمالموضوع إلى فقرات، ويدعو أقدرهم على محاكاته، وبعد أن يقرأ عدد كافٍ من التلاميذيناقشهم المعلم في معنى المقروء، وفي أخطائهم في النطق، وعندما يثق بأن تلاميذه قدأتقنوا الفقرة الأولى فهماً ونطقاً ينتقل بهم إلى غيرها متبعاً الطريقةنفسها.

6-
الجميع يقرأون معاً: وأساس هذه الاستراتيجية "تحسين قراءة أواسطالتلاميذ وضعفائهم، حيث يقوم المجيدون من القراء بتوجيه غيرهم من أفراد الجماعة. ويبدأ أسلوب القراءة الجماعية بقراءة نموذج رسميين من قبل المعلم، يعقبها مناقشة لمضمونالنص عن طريق أسئلة لقياس مدى الفهم، ثم يدعو المدرس مفصل التلاميذ إلى القراءة معاً فيوقت واحد، مستخدماً إشارات يده في تنظيم سرعة تلاميذه في أثناء القراءة، وفي دفعالتلاميذ الضعاف إلى المشاركة في القراءة، وملاحظة أخطاء النطق، وامتصاص النشاطالزائد في عمل مفيد. ويمكن الاستفادة من هذه الاستراتيجية بتطبيقها في حصص متفرقة،أو في جزء من الحصة كلما أحس أن هناك ضرورة تدعو إلى ذلك، على أساس أن استمرارتطبيقها لا يساعد في تحسين مهارات القراءة؛ لأنها عملية نطق للكلمات أكثر منهاتدريب على إتقان المهارات، وأن ممارستها تحدث ضوضاء، كما أن التلاميذ الضعاف قد لايقرأون، وبالتالي لا تكشف أخطاؤهم.

7-
القراءة المتكررة: تهدف هذهالاستراتيجية إلى "تحسين مستوى أداء المعسرين قرائياً عن طريق زيادة الطلاقة والدقةبالنسبة للقراءة الجهرية، بالإضافة إلى زيادة الفهم". وأهم مزاياها أنها تقدَّمللتلاميذ من مستويات مختلفة من العسر القرائي، حيث تساعد العاديين والمعسرينقرائياً، ويمكن تقديمها للصغار والراشدين، كما يسهل تطبيقها. وفي هذه الإستراتيجيةيجتمع المعلم مع التلاميذ قبل البدء بالتطبيق، ويشرح لهم الهدف من هذا النوع منالقراءة، وأن هذا النوع سيؤدي إلى تحسين مستواهم في القراءة بصفة عامة، ثم تقدمموضوعات القراءة المقررة دراسيا بمعدل موضوع واحد في اليوم، يقوم المعلم بقراءته مرتينمتتاليتين بمفرده، في حين يستمع التلاميذ إلى المعلم، يتبع ذلك قراءة التلاميذللقطعة بصورة جماعية مع المدرس مفصل من مرة إلى خمس مرات حتى يصل المعلم بتلاميذه إلىالمستوى المطلوب، بعد ذلك يقرأ كل تلميذ بمفرده في حين يستمع إليه التلاميذالآخرون، ويقوم المعلم بتصويب الأخطاء للتلاميذ مباشرة في أثناء عملية القراءةالمتكررة، ويعد هذا نوعاً من التغذية الراجعة التصحيحية التي تساعد التلاميذ بصورةكبيرة. وبعد التأكد من قراءة التلاميذ للدرس مفصل قراءة جهرية، وأنها قد أصبحت علىمستوى عالٍ من الدقة، يالرجاء تقديم إلى الدارسين الإجابة عن الأسئلة الموجودة في نهايةالدرس مفصل؛ للتأكد من أن فهم التلاميذ قد تحسن هو الآخر.

8-
المباريات والألعاباللغوية: أكدت دراسات عديدة على أهمية الألعاب والمباريات اللغوية في إكسابالتلاميذ اللغة بجوانبها المختلفة الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية. وتشتركالمباريات مع الألعاب في النشاط والترويح، إلا أنها تزيد عليها بأنها تحدَّد بقواعدمعينة، وتأخذ الطابع الفردي أو الجماعي، ففي نهاية المباراة يكون هناك الفائز أوفريق الفائزين. والأساس الذي تستند إليه هو ما تنادي به التربية الحديثة من ضرورةاستغلال ميول التلاميذ في تسهيل تعليمهم ما يراد تسهيل تعليمه، ومن أبرز هذه الميول في مراحلهمالمبكرة ميولهم إلى اللعب، فهم مولعون به، مفطورون عليه، يفضلونه على كل ما سواه،ومن هنا تتجه التربية إلى إدخال اللعب وأنواع النشاط في العملالمدرس مفصلي.

ولبناء مباراة لغويةفي أحد الموضوعات النحوية، ينبغي مراعاةالخطوات الآتية:
-
تحديد الأهداف المراد تحقيقها (معرفية، وجدانية، مهارية) ووسائل قياسها.
-
تحديد الأدوات المستخدمة في المباراة (أسماك خشبية أو ورقية،بطاقات، ساعات خشبية).
-
تصميم المباراة على أساس ميول التلاميذ لا ميولالمعلم.
مناسبة المباراة مع مستويات التلاميذ وقدراتهم.
-
تحديد الضوابطوالقواعد لممارسة المباراة بشكل صحيح.
-
صياغة التسهيل تعليمات بطريقة واحدةومختصرة.
-
مكافأة فريق الفائزين.
-
التأكيد على عنصر المنافسة، وتحفيز ذكاءالتلاميذ.
-
الربط بين المباراة وبيئة التلاميذ (لعبة صيد السمك تتناسب معتلاميذ البيئة الساحلية مثلاً).
-
التقويــــم.

ويمكن الاستفادة من هذهالاستراتيجية في تدريس النحو لهذه الفئة من التلاميذ مضطربي الانتباه مفرطي النشاط،حيث تساهم في امتصاص نشاطهم الزائد في تعلم أشياء مفيدة، بالإضافة إلى أنها تُكسبهمكثيراً من الصفات المرغوب فيها، كالثقة بالنفس، والتعاون، والصبر، والاحتمالوالمخاطرة، والاعتماد على النفس، وتقوي عندهم الملاحظة والانتباه والنظام والطاعة،وحسن المعاملة.

9-
تمثيل الأدوار: تعد هذه الإستراتيجية إستراتيجية فعالةلتدريس اللغة بجوانبها المختلفة، لأنها تحوِّل الفصل إلى مسرح يمارس فيه كل تلميذدوراً، ويتصرف بناء على أبعاد هذا الدور. واستخدامها في تدريس النحو مثلاً يعنىمسرحة درس مفصل النحو، أي تحويله إلى حوار ممسرح، تتحدث فيه حروف الجر عن نفسها أو عنعملها على ألسنة التلاميذ، ومثل هذه المواقف المسرحية يمارس فيها التلاميذ العاديونعامة، ومضطربو الانتباه مفرطو النشاط خاصة أنماطاً لغوية وكلماتٍ وجملاً وأساليبفصيحة تيسر لهم ممارسة اللغة بنجاح.

والخطوات المتبعة في هذه الطريقةهي:
1-
تحديد الأهداف المراد تحقيقها من الحوار المسرحي، وتحديد وسائلقياسها.
2-
تحديد الأدوار والمواد التسهيل تعليمية اللازمة لإجراء الحوار (بطاقات،صور، دبابيس ملابس).
3-
بناء الحوار مع مراعاة الأسس الآتية:
+
أن يكونالحوار التمثيلي بلغة سهلة تناسب قدرات التلاميذ ومستوياتهم.
+
تشخيص الأدواتوالمعامل النحوية، فكان وأخواتها، وظن وأخواتها، والنواصب، والجوازم، وحروف الجر ... كلها تتحدث عن نفسها وعن عملها.
+
أن يتيح الحوار اشتراك عدد كبير من تلاميذالفصل.
+
أن يُضبَط الحوار بالشكل.
+
تقسيم الحوار إلى مشاهد عدة، كل مشهدينتهي باستنتاج المعلم لجزء من القاعدة.
4-
اختيار مجموعة من التلاميذ، وتعريفكل تلميذ بدوره، وتدريبهم في وقت الفراغ قبل حصة النحو على الأداء التمثيلي لهذاالحوار، مع مراعاة دقة النطق، وصحة الضبط، وحسن الإلقاء.
5-
عرض التلاميذ الحوارالتمثيلي أمام زملائهم في الفصل في حصة النحو.
6-
كتاب جاهزة المعلم القاعدة علىالسبورة.
وتلتقي هذه الإستراتيجية مع طريقة الألعاب والمباريات اللغوية فيمزاياها المتعددة، من حيث تلبية حاجات التلاميذ النفسية، وإشباع ميولهم، وبناءشخصياتهم بكثير من الصفات المرغوب فيها، وترشيد طاقاتهم الزائدة في كل ما هو نافعومفيد.

عطية العمري - باحث في مركز القطان/غزةالمرجع:
فاعليةاستخـدام بعـض استراتيجيات التدريس في تحصيل تلاميذ الصف الرابع الابتدائي مضطربيالانتباه مفرطي النشاط في مادة العربية (1999). إعداد: د. رضــا أحمد حافظالأدغـم، د. جمال الدين محمد الشامي، د. عبد الناصر سلامة الشبراوي، جامعةالمنصورة: كلية التربية بدمياط، قسم المناهج رسمية وطرق التدريس.



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©