اسباب التخلف و وعوامل التطور
اننا نرى في يومياتنا جانبا كبيرا من انعدام الايجابية في اعمالنا حيث يذهب جزءا كبيرا من امكاناتنا في في المحاولات الفاشلة .واذا اردنا ايجاد سبب لذلك ، فهو بلا ادنى ريب انعدام الوثاق الذي يربط العمل بما يصبو البه (الغاية).وبصورة أخرى نجد أن اعمالنا بلا غاية و الغايات نفسها بلا وسائل .والأمر من ذلك أن هذه الظاهرة تنطبق على جميع اعمالنا .
ومنه نجد العديد من الطاقات اما انها لم تستخدم في مجال عملها أو اننا لا نعرف طريقة كيف نوجهها وبالتالي يكون مصيرها الى الضياع فلم تحقق اهدافها .
ان استخدام الطاقات في مجال عملها و توجيهها في الاتجاه السليم هو بالتأكيد ربح للجهد و الوقت .ان هذه الطاقات صالحة لأن تستغل في كل حين ، والمهم هو أن نستخدمها في احسن الظروف المناسبة .
و استخدامها على هذا النحو فهي تؤدي حتما الى الغاية المنشودة. وهنا تكمن فكرة توجيه الطاقات حتى لا تتصادف مع قوى أخرى متجهة الى نفس الهدف ، وتوحيد الأهداف حتى لا تذهب تلك الطاقات دون فائدة. فالكثير من الطاقات لم تستغل لأننا لا نعرف طريقة كيف نوافق بينها وبين الأهداف التي نريدها.
لقد ظلت وما زالت طاقتنا خارج مجال عملها لزمن طويل وبالتالي ترتب عن ذلك انعدام الهدف ، وهو ما يفسر الحالة الراهنة التي نحن عليها والتي يمكن أن تعلل بعدم اشراك أراء المثقفين في تحديد الأهداف وتوجيه الطاقات .وتولى اهل السياسة الأمر وقد نتج عن ذلك ومنذ حقبة انعدام التنظيم واختلال موازين الاقتصاد وذلك بأن كل سياسي قد وصف الوضع الراهن حسب رايه و ميوله فهو يرى ان المشكل الاقتصادي لا يحل الا بوسائل اقتصادية مثلا .وكذا بالنسبة للمشكل الثقافي ، والسياسي وغيرها من المشاكل .فنجده يبني هناك مصنعا ، وهنا مدرس مميزة وغيرها مما يبدو له انها بادرة من التطور .بيد ان المقياس العام للتطور هو ان يحقق منتجاته و من غير المعقول ان نصنع تطورا من منتجاته .
و إذن لا يجوز لنا ان نغفل الحقائق، فالسياسة مهما كانت ما هي الا آلة اجتماعية تتغير حسب الوسط الذي تعيش فيه و تتفاعل معه ، وبالتالي تغير نفسية الفرد هو الشرط الأساسي لكل تطور اجتماعي وجيه و هذه الملاحظة تدعونا لأن نقر أن الانحطاط هو من عبث السياسيين وافعالهم .ولعل الأزمة الراهنة تعود الى كوننا نجهل او نتجاهل الظاهرة السياسية والتي هي في حقيقتها وسيلة تسيير للمجتمع تؤثر فيه و تتأثر به في نفس الوقت .وبدلا من أن تكون البلاد ورشة للعمل ، فإنها اصبحت سوقا للانتخابات ، واصبحنا نتكلم عن حقوقنا المهضومة ونشينا واجبات مزليةنا و صار هذا النشق الجديد في حياتنا موردا مهما للذين يستمدون مواردهم من سباتنا العميق .وهكذا وجهنا طاقتنا نحو السراب السياسي حيث توارت وراءه بوادر التقدم والتطور .
وعلى اثره تحول المجتمع الى جماعة من المستمعين يصفقون لكل خطيب .
فإذا اردنا ان نغير من هذا الواقع فإنه لا يجوز أن نضع الحلول دون مراعاة هذا الواقع ، بل من الضروري أن تنسجم افكارنا معه، ومع ما تقتضيه المرحلة التي نحن فيها . لأن معالجة أي طريقة حل مشكلة مرتبطة بالعامل الزمني بالدرجة الأولى ولعل اكبر أخطاء القادة السياسيين انهم يسقطون هذه الملاحظة من حساباتهم ، ومن هنا يخرج القطار عن سكته و تبدأ الكارثة .
فإذ ما أخذنا هذه الملاحظة بعين الاعتبار يصبح من الضروري بمكان أن نحدد موضعنا الزماني و ندرك اسباب التخلف و وعوامل التطور .




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©