وجود الصراع بين الحضارات.
من خلال هذا الذي تقدم نقول: الصراع بين الحضارات قائم وموجود لا مجال لنكرانه، وهو في حقيقته صراع بين المفاهيم والتصورات والقيم والمبادئ .. والعقائد .. المتناقضة المتضاربة .. والتي تحدد معالم وطريقة الحياة لكل حضارة أو أمة من تلك الحضارات أو الأمم.
هو صراع وتدافع بين مفاهيم وقيم الشر والظلم والطغيان وأتباعها من جهة وبين مفاهيم وقيم الخير والحق والعدل وأتباعها من جهة أخرى.
هو صراع بين التوحيد وأهله من جهة، وبين الشرك والكفر والإلحاد وأهله من جهة أخرى.
هذا النوع من الصراع والتدافع بين الحق والباطل .. بين التوحيد والشرك .. وبين العدل
والظلم .. وبين الفساد والدمار وحب السلام والإعمار .. وبين أهل هذا الفريق وأهل الفريق الآخر .. هو المراد من صراع الحضارات .. وهذا النوع من الصراع قائم وموجود منذ أن خلق الله تعالى إبليس .. وآدم  .. وجعل أحدهما عدواً للآخر .. ومنذ أن قدر وجود الخير والشر في الأرض .. وجعل لكل منهما أهلاً وأنصاراً .. بل في النفس الواحدة للإنسان نجد أن الله تعالى قد قدر فيها نوازع الخير ونوازع الشر معاً .. وخلق في الوجود المتناقضات والأضداد .. وسيبقى هذا الصراع بين الأضاد والمتناقضات ما شاء الله تعالى .. وإلى أن يرث الله الأرضَ ومن عليها .. لا يمكن أن تستقيم الحياة في الأرض ولا أن تسلم من الدمار والخراب من دونه .. ولا أن تنجو السفينة من الغرق والهلاك من دونه .. وهي سنة ماضية من السنن التي خلق الله تعالى عليها الكون والحياة .. لا راد لها .. ولا سبيل لإيقافها!
هؤلاء الذين يتشبعون بما لم يُعطَوا فيزعمون أنهم يريدون إيقاف صراع الحضارات .. يُقال لهم: أوقفوا إبليس وجنده عن الكيد والتآمر، والفتنة، والفساد في الأرض إن استطعتم .. ضعوا نهاية لإبليس وجنده من شياطين الإنس والجن إن استطعتم .. فإن لم تستطيعوا ولن تستطيعوا .. فطريقة كيف تستشرفون مهمة إيقاف صراع الحضارت .. وأنتم تعلمون أن حضارات معاصرة كاملة قائمة على عبادة الشيطان، وعلى حكم وشرع وقيم الشيطان .. وعلى القتال دون قيم وشرائع الشيطان؟!
هذه حقيقة ساطعة ظاهرة قد دلت عليها جميع الأدلة النقلية والعقلية والواقعية .. لا خفاء فيها ولا غموض، لا مجال لنكرانها أو تجاهلها أو إلغائها .. بل ينبغي التسليم بها .. عند حصول أي عملية تدافع وصراع وتنافر بين الحضارات أو بين قوى الخير والشر .. أو بين جند الله من جهة وجند الشيطان من جهة أخرى، كما قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً النساء:76. فهذا القتال والتدافع قائم ـ شئنا أم أبينا ـ وكل فريق منهما ماضٍ إلى سبيله وغايته إلى أن
يرث الله الأرض ومن عليها[ ].




©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©