نمتلك نحن البشر وسائل مختلفة للتعبير عن مشاعرنا وانفعالاتنا وحاجاتنا، وغالباً ما يكون ذلك عند الراشدين بالطرق اللفظية الشفوية الصريحة، إضافة إلى طرق غير مباشرة قد يتم تحويلها لاشعورياً من شكل إلى آخر، إلا أن طريقة التعبير عن هذه المشاعر والانفعالات قد تبدو مختلفة عند التلاميذ الصغار خاصة الذين لا تؤهلهم قدراتهم اللغوية على التعبير الدقيق عما يشعرون ويرغبون في تحقيقه من حاجات، وحتى لو امتلك بعض التلاميذ الصغار اللغة السليمة للتعبير إلا أن هناك الكثير من الأمور التي تمنعهم من التعبير الصريح عنها نظراً للقيود الاجتماعية المتحميل فروض رائعةة عليهم من الكبار

لذلك كان الفن والرسم والتلوين في مراحل الطفولة المبكرة وسيلة فعالة لفهم مكنونات التلاميذ الصغار ودوافعهم ومشاعرهم، حيث يفرغون على الورق ما يجول بداخلهم، ويرسمون أحلامهم وأمنياتهم، ومستقبلهم الذي يريدون، وبالتالي تحقيق التواصل معهم.

تواصل غير لفظي

يعد الرسم عملاً فنياً تعبيرياً يقوم به الطفل، وهو بديل عن اللغة المنطوقة، وشكل من أشكال التواصل غير اللفظي، وكذلك التنفيس الانفعالي، وانعكاس لحقيقة مشاعرهم نحو أنفسهم والآخرين، ومن ثم كانت الرسوم وسيلة ممتازة لفهم العوامل النفسية وراء السلوك المشكل، وقد أثبتت الدراسات النفسية التحليلية للأطفال أننا نستطيع من خلال الرسم الحر الذي يقوم به الطفل أن نصل إلى أمور لا شعورية غير ظاهرة، والتعرف على مشكلاته وما يعانيه، وكذلك التعرف على ميوله واتجاهاته ومدى اهتمامه بموضوعات معينة في البيئة التي يعيش فيها، وعلاقته بالآخرين سواء في الأسرة أو الرفاق أو الكبار.

وعلى هذا يكون الرسم أداة مناسبة لإقامة الحوار وتحقيق التواصل مع كل الأشخاص على حد سواء، حتى أولئك الذين لا يجيدون الرسم. لذا يوصي بعض علماء النفس باستخدام الرسم مع التلاميذ الصغار المتأخرين دراسيا والذين يعانون من سوء التوافق الاجتماعي والانفعالي ومن لديهم مشكلات سلوكية،

إضافة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة الذين هم في حاجة أكبر للتعبير الفني من التلاميذ الصغار غير المعاقين، خاصة ممن لديهم مشكلات لغوية، ومن ثم فيمكن أن يكون الرسم أداة قيمة لفهم حالاتهم، وليس مضيعة للوقت والجهد كما يعتقد البعض، ما دام هذا الرسم موجهاً وليس عشوائياً، وإذا ما أمعنا في رسومات رائعة التلاميذ الصغار وفحواها وسألناهم عنها وتفحصنا الألوان التي يستخدمونها والخطوط من حيث الدقة والعمق، وطبيعة الرسومات رائعة التي يميلون لها ومعنى كل رسمة بالنسبة لهم.

وقد تكون المعلومات عن استخدام وتحليل هذه الرسوم أداة هامة للأخصائيين والمرشدين النفسيين بالمدارس في جهودهم لفهم مشكلات الطلاب كالقلق من الامتحانات والمشاعر تجاه المعلمين والمدرس مفصلة، والدافعية نحو التعلم والمشكلات الأسرية،والعلاقة مع الزملاء، والميول المهنية ، وفي هذا الصدد يؤكد العلماء على ضرورة استخدام الفن في علاج التلاميذ الصغار ذوي الاضطرابات السلوكية والانفعالية، حيث يمكن لنشاط الفن أن يهيئ هؤلاء التلاميذ الصغار للعلاج، علماً أن هذا النوع من العلاج لا يحتاج مهارة من الطفل الذي يرسم، بل أن الخطوط العفوية والعشوائية قد يكون لها دلالات أفضل من الرسومات رائعة الفنية الدقيقة أو التي ينقلها الطفل عن المناظر الطبيعية أمامه.


فوائد عديدة

ويمكن تلخيص الفوائد الناجمة عن استخدام الرسم مع التلاميذ الصغار فيما يلي:

* التعبير عن الحاجات والرغبات والدوافع التي لا يستطيع التلاميذ الصغار التلفظ بها شفهياً.
* البحث شامل عن الصراعات الدفينة في الشخصية.
* التعرف على المشكلات السلوكية والانفعالية التي يعانيها الطفل.
* التعرف على شبكة العلاقات الاجتماعية التي يعيش في ظلها الطفل، والأشخاص المؤثرين في حياته.
*التعرف على مدى علاقة الطفل بأشخاص معينين ومدى المشاعر الايجابية أو السلبية التي يكنها نحوهم.

* تفريغ طاقات الطفل في أمور إيجابية مثمرة.
* التعرف على الألوان وعلاقتها بالطبيعة والحياة الاجتماعية المحيطة، ودلالات استخدام التلاميذ الصغار في رسومات رائعة الطفل.
* تنمية الحس الجمالي والذوق الفني عند الطفل.
* تنمية روح الخيال عند الطفل.
* تفريغ الشحنات الانفعالية السلبية كالغضب والعدوان والخوف.
* وسيلة للتعبير والتواصل مع الآخرين عند التلاميذ الصغار الانطوائيين.
* التعرف على الحالة التي يعيشها الطفل أثناء الرسم كالخوف والغضب والقلق.
* قياس التطورات العلاجية التي وصل إليها لطفل بعد إخضاعه للعلاج.
* التعرف على جوانب القوة والضعف الموجودة عند الطفل
________



©المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى©